ليست قصة ، ليست خاطرة أو مقالة
اعتبرها أي شيء خالي من أي شيء !!
الورقة الأولى
كنت أحتسي قهوتي في الصباح أتنقل بين صفحات الأصدقاء داخل حاسوبي لأجد الكثير من التهاني تتدفق على صفحتي ،، اليوم كما يسمونه يوم عيد ميلادي
لا أدري لماذا يسمون ذكرى الميلاد عيدا ربما للتخفيف من وطأة مرور الزمن السريع وألم فقد المزيد من العمر
ذكرى الميلاد بالنسبة لي تبدو دوما سيئة وكئيبة
حاولت مرارا أن أسعد نفسي في هذا اليوم فهو على الأقل سبب مقنع للسعادة في كل عام
الجميع يحتفون بك ويقدمون الهدايا وهذا مشجع جدا للمرح والاندماج في هذه اللحظات الرائعة
ولكن دائما ما يحدث شيئا يفسد هذا اليوم وكأن الأقدار توصل لي رسالة معينة في كل عام
تقبلت التهاني من الأصدقاء ورجوت الله ألا يكون احدهم قد أعد لي مفاجأة هذه الليلة
فآخر مرة حدث فيها هذا حدث بالشارع حالة وفاة فانطفأت الفرحة وساد اليوم ظلام كئيب
هذا العام سأكمل عامي الثلاثون وهنا نقطة أخرى فاصلة
روحت اتأمل وجهي في المرآة وكأنني أحاول أن أحصي عدد سنوات عمري الحقيقية من خلال الخطوط التي بدأت
تغزو وجهي ، تبدو ملامحي صغيرة هكذا يقولون ولكن تلك الخطوط تحت عيوني حتى وان أخفيتها عن الجميع
فلن أستطع أن أخفيها عن مرآتي وعن نفسي .
حاصرني حزن في هذا اليوم
فكرت أن أخرج او اتصل ببعض الاقارب أو أحدث أي تغيير
ولكني الحقيقة صرت أتشاءم من هذا التغيير في هذا اليوم الأفضل لي ان اقضي هذا اليوم بنفس الكآبة التي اعتدتها
هذا أأمن وأضمن حتى لا يحدث شيئا مفاجئا يفسد فرحتي التي سأحاول ان استثيرها لا داعي لان افعل أي شيء
سأقضي اليوم أمام حاسوبي المتواضع
والتلفاز مع قليل من القهوة
في المساء غفوت قليلا لأصحو على جرس باب المنزل
قمت مسرعة لافتح الباب يا للمفاجأة
اخوتي وأصدقائي معا لا ادري كيف اتفقوا جميعا وجهزوا لهذه المفاجأة
سريعا بدلت ملابسي وقضينا وقتا مبهجا وممتعا
تتعالى الضحكات نتبادل الحكايات وقطع الحلوى
وعندما انتهت الليلة وودعتهم جميعا وجلست على فراشي استعدادا للخلود إلى النوم سمعت صوت هاتفي المحمول
ينذر بأن هناك رسالة فتحتها لينقبض قلبي من تلك الكلمات المقتضبة
"البقاء لله"
كنت أعلم أنه في هذا اليوم سيحل بعض الألم
*******
الورقة الثانية
اكتوبر 1989
آخر أيام الحنان في حياتي كانت هذه الأيام وان كانت ليست آخر أيام السعادة ، السرطان ذلك المرض اللعين الذي يغزوا أجساد من نحبهم كوحش كاسر فيحرمنا اياهم ، حبهم وحنانهم رؤية وجوههم أو مجرد وجودهم في الحياة
كانت ذكرى ميلادي مختلفة هذا العالم كانت بمثابة رسالة وداع من أمي المريضة التي تماثلت قليلا للشفاء ،
ولكنه كان احتفال بائس اختلطت فيه الضحكات بالدموع المثقلة بالأوجاع في انتظار فراق محقق
أي ألم بهذا الحجم يمكن لطفل احتماله ، يظن البعض أن الطفل تهبط عليه سكينة ربانية فيتحمل وينسى سريعا
ولكن الحقيقة انه فعلا يتحمل بهذه السكينة الربانية لكنه أبدا لا ينسى فالالم يكبر معه عام بعد عام .
يناير 1990
في القبور النساء متشحات بالسواد تودع الموتى والطفل البري يرى عالم الموتى بشكل آخر
فتلك المباني الصغيرة يرى بها أشخاصا يتخيلهم يجلسون ويمرحون ليسوا نياما وليسوا بقايا جسد بالي كما يتصور كل هؤلاء الزوار انما هو يرى الحقيقة يرى وجه من فقد يتلألأ فوق النعش ويدخل المقبرة في احتفال بهيج
اما كل النسوة المتشحات بالسواد يحدثون ضجيجا بشعا يؤذي اذنه ببكائهم وحزنهم وصراخهم
ليتهم يرحلون ويتركون ذلك الصغير ينهل من رؤي أمه فربما هي ايضا تتأذى من هذا الضجيج وربما هو يرى ذلك بالفعل،
يختبي بعيدا عنهم ليرى المشهد بوضوح أكثر يردد آيات من القرآن ثم يغفو في اطمئنان وربما هروب ، يحملونه إلى غرفته
متسائلين كيف سيتحملون اسئلته وبكاءه ليفاجئهم هو بنضوجه وصبره .
اكتوبر 1990
ماالذي يجعلك تأتي بطفل إلى هذا الكون وتجعله وحيدا بلا سند ؟ بلا يد تحنو عليه وتحتضنه وترعاه تغلفه بالحب والحنان ؟
تردد هذا التساؤل في عقلي بعنف عندما جاء يوم ميلادي بدونها
رغم أن الحنان كان يحيطني من كل جانب فبعد وفاتها اكتسبت ألف أم .
حلم الطفولة الباهت الآمل في التحقق أن عندما أكبر يوما لأصبح أم لاطفلة تشبه دميتي الصغيرة لا يجب أبدا أن أتركها وأرحل والا فلا تأتي أفضل !
كبرت بمنطق يخالف منطق كل البنات وأحلام لا تشبههم أبدا ، كبرت بأمل أن ألا أتزوج أبدا ، ولا أنجب أبدا
فهذا الألم الذي تحملته كيف اسمح بأن يعاد مع صغاري ؟!
اكتوبر 1989
آخر أيام الحنان في حياتي كانت هذه الأيام وان كانت ليست آخر أيام السعادة ، السرطان ذلك المرض اللعين الذي يغزوا أجساد من نحبهم كوحش كاسر فيحرمنا اياهم ، حبهم وحنانهم رؤية وجوههم أو مجرد وجودهم في الحياة
كانت ذكرى ميلادي مختلفة هذا العالم كانت بمثابة رسالة وداع من أمي المريضة التي تماثلت قليلا للشفاء ،
ولكنه كان احتفال بائس اختلطت فيه الضحكات بالدموع المثقلة بالأوجاع في انتظار فراق محقق
أي ألم بهذا الحجم يمكن لطفل احتماله ، يظن البعض أن الطفل تهبط عليه سكينة ربانية فيتحمل وينسى سريعا
ولكن الحقيقة انه فعلا يتحمل بهذه السكينة الربانية لكنه أبدا لا ينسى فالالم يكبر معه عام بعد عام .
يناير 1990
في القبور النساء متشحات بالسواد تودع الموتى والطفل البري يرى عالم الموتى بشكل آخر
فتلك المباني الصغيرة يرى بها أشخاصا يتخيلهم يجلسون ويمرحون ليسوا نياما وليسوا بقايا جسد بالي كما يتصور كل هؤلاء الزوار انما هو يرى الحقيقة يرى وجه من فقد يتلألأ فوق النعش ويدخل المقبرة في احتفال بهيج
اما كل النسوة المتشحات بالسواد يحدثون ضجيجا بشعا يؤذي اذنه ببكائهم وحزنهم وصراخهم
ليتهم يرحلون ويتركون ذلك الصغير ينهل من رؤي أمه فربما هي ايضا تتأذى من هذا الضجيج وربما هو يرى ذلك بالفعل،
يختبي بعيدا عنهم ليرى المشهد بوضوح أكثر يردد آيات من القرآن ثم يغفو في اطمئنان وربما هروب ، يحملونه إلى غرفته
متسائلين كيف سيتحملون اسئلته وبكاءه ليفاجئهم هو بنضوجه وصبره .
اكتوبر 1990
ماالذي يجعلك تأتي بطفل إلى هذا الكون وتجعله وحيدا بلا سند ؟ بلا يد تحنو عليه وتحتضنه وترعاه تغلفه بالحب والحنان ؟
تردد هذا التساؤل في عقلي بعنف عندما جاء يوم ميلادي بدونها
رغم أن الحنان كان يحيطني من كل جانب فبعد وفاتها اكتسبت ألف أم .
حلم الطفولة الباهت الآمل في التحقق أن عندما أكبر يوما لأصبح أم لاطفلة تشبه دميتي الصغيرة لا يجب أبدا أن أتركها وأرحل والا فلا تأتي أفضل !
كبرت بمنطق يخالف منطق كل البنات وأحلام لا تشبههم أبدا ، كبرت بأمل أن ألا أتزوج أبدا ، ولا أنجب أبدا
فهذا الألم الذي تحملته كيف اسمح بأن يعاد مع صغاري ؟!